الحياة ما بعد الجامعة وماذا تتوقع ؟

أجرت جلوورك مؤخراً دراسة أشارت إلى أن غالبية الإناث يدركون وجود فرص عمل متنوعة في سوق العمل ولكنهم يفتقرون إلى معرفة التقدم إليها أو الحصول عليها.

وشجعت المبادرات التي قامت بها وزارة العمل في الثلاثة سنوات الأخيرة القطاع الخاص على توظيف السعوديين كما دفعت الشركات إلى تحقيق المساواة بين الجنسين في سوق العمل وبالتالي توظيف أكبر عدد من الإناث. ويعد ما قامت به الوزارة في الشهر الماضي مثالاً واضحاً على ذلك من خلال قيامها بتعيين امرأة كرئيسة تنفيذية لواحد من معاهدها في شركة المقاييس السعودية للمهارات.

يبدو عظيماً أليس كذلك؟

 

ماذا نفتقد؟

حسناً، أنا أرى بأن ما ينقصنا هو التعليم الكافي في مجال البحث عن وظيفة في مؤسساتنا. فعندما تتخرج الأنثى كل ما يهمها في تلك الحظة هو معدلها التراكمي وعملها التطوعي خلال فترتها الدراسية معتقدةً بأن هذه العناصر ستؤمن لها العمل المناسب في أي مكان.

ولكن، هل ترى أننا نقوم بتعليم شقيقاتنا السعوديات كيفية التقدم إلى وظيفة؟ أين تتقدم بالطلب؟ ماذا سيتوقع كلا القطاعين العام والخاص منهم؟ وماذا ستتوقع هي منهم؟ وما هي كيفية إجراء المقابلات أو حتى طريقة كتابة السيرة الذاتية؟

بالطبع الجواب هو لا شيء مما سبق.

كسعوديات، يوجد لدينا الكثير من النساء الأذكياء اللاتي يملكن إمكانيات عالية جداً ولكنهن لا يملكن الخبرة المطلوبة في مجال البحث عن الوظيفة الأمر الذي ينعكس سلباً عليهن.

في الغرب ومنذ سنة مبكرة في الثانوية، أذكر بأننا قمنا باختبار القياس النفسي وهو عبارة عن أسئلة الاختيار المتعدد ومدته 10 دقائق والذي من خلاله نستطيع تحديد أي نوع من المسار الوظيفي المناسب لكلٍ منّا. وبالتالي فإن مثل هذا الاختبار يساعدنا على اختيار التخصص المناسب أثناء فترة التعليم الجامعي.

أما ما نواجهه في مملكتنا السعودية حالياً هو حاجة غالبية الإناث إلى تغيير تخصصهم الجامعي في السنة الثانية أو الثالثة من الدراسة الأمر الذي يؤثرعلى عقليتهم ويؤخر تخرجهم بل ويدفع بعضاً منهم إلى الاستسلام.

أنا لا أعني بأن مثل هذه الاختبارات ستحل مشكلة العمالة بشكل كامل، إنما ستقوم حتماً بتقليل نسبة البطالة بشكل ملحوظ. فغالبية الإناث حديثات التخرج يملن إلى العمل في قطاع التعليم وذلك لأنه الخيار الوحيد أمامهن ولأن كل ما يرونهن أمامهن هو المعلم فهم يستوحين فكرة التدريس من خلاله.

كما أن ورش العمل تعد أداة مضمونة لإعداد ومساعدة الإناث على استيعاب فكرة ” الحياة ما بعد الجامعة”. في إحدى الدراسات التي قامت بها جلوورك حول نسبة شراء الإناث لسيرتهن الذاتية، تبين أن 62% من بين 500 طالبة في الجامعات الخاصة يقمن بشراء سيرتهن الذاتية مقابل 300 ريالاً سعودياً أو أكثر! أنا أعتقد بأن كيفية كتابة السيرة الذاتية يجب أن تكون جزءاً لا يتجزأ من التعليم الجامعي. وكما ذكرتُ سابقاً، هناك العديد من النساء اللواتي يملكن قدرات عالية  ولكنهن يجب أن يكن على درايةٍ تامةٍ بكتابة سيرتهن الذاتية.  

كيف وأين تتقدم بطلبك؟

إنه حقاً سؤالٌ صعبٌ.

لا أحد يعلم ماذا يجب أن يفعل عندما يتقدم لوظيفةٍ ما، فالكل يأمل بأن تأتي واسطه أو ما يسمونه  بفيتامين (و) في طريقه من خلال والده أو إحدى علاقاته  لكي تساعده في الوصول إلى وظيفة أحلامه. أنا أرى ذلك صعباً إلى حد ما، فالطرق تختلف في سوق العمل إذ يطلب البعض التقدم عبر الإنترنت والآخر يفضل تقديم الطلب باليد وهناك من يريده عبر الفاكس.
تخيل بأن الذكور يعانون مشاكل كبيرة حيال التقدم إلى وظيفة؟ فماذا عن شقيقاتنا الإناث؟ إنهم يحتاجون من يأخذهم بسيارته وعليهم أن يطلبوا من أولياء أمورهم الحصول على إجازة يومية لكي يتواجدوا معهم وقت المقابلة والمزيد المزيد من المتاعب.

عندما أسسنا جلوورك أردنا لمحتواها أن يكون سهل الاستعمال قدر الإمكان. فمن منزلك تستطيع التصفح والبحث والتقدم لأي وظيفة مجاناً وبعيداً عن كل المتاعب. تم تفعيل الصفحة منذ ثلاثة سنوات، وقد تلقينا الدعم الكامل من القطاع الخاص ووقعنا مع أكثر من 100 شركة  وتم نشر أكثر من 4000 فرصة عمل للإناث فقط. كما أننا قمنا بتأمين فرص عمل في شركات تسمح لموظفاتها من العمل من المنزل كدوام جزئي أو كدوام مؤقت.

لماذا فعلنا ذلك؟ لأننا نحب بلدنا ونؤمن بنسائنا وهذا النوع من المبادرة المستدامة المطلوبة لأنها تساعد على تنمية مجتمعنا وتقدم رسالة إيجابية إلى الساحة الدولية.

ومع كل ما قيل مازلنا نستقبل عدد من الرسائل التي تحتوي على وجود عدد كبير من المسجلين الذين لم يحصلوا على وظيفة بعد، ولكن بعد البحث الجيد تبين أن بين 40-50% من المسجلين لم يقوموا بنشر سيرتهم الذاتية وقدموا تفاصيل مختصرة اعتقدوا بأنهم من خلالها سيستطيعون الحصول على وظيفة.

ولذلك جاءت جلوورك لتغطي 10% من عملياتنا والباقي يأتي من خلال التوظيف المباشر واستقطاب الوظائف والمعارض المهنية وغيرها.

إجراء المقابلات – بيع نفسك

لقد لاحظت شيئاً مهماً من خلال مقابلتي للمرشحات للعمل وهو نقص معرفتهم بما يبحث عنه صاحب العمل فكل ما كنت أراه أمامي هو إمرأة ترتدي عباءة ملونة ورائحة عطرها تصل إلى 8 طوابق وعندما أسألها عن ما يتعلق بشركة ما أُصدم بأنه ليس لديها أي فكرة عن ما تقوم به هذه الشركة وما هو تاريخها أصلاً، فهي تعتقد بأنني سأقوم بشراء ” مظهرها الخارجي” بدلاً من خبرتها ومعلوماتها. أنا أؤمن بأن معرفتك عن الشركة التي تقدمت إليها يعد بمثابة نقطة أساسية عند استدعائك لأي مقابلة، فكل ما عليك القيام به هو بحث مختصر عن طريق ” جوجل” أو عن طريق ” اللينكد إن” فهو أداة مميزة تساعدك على معرفة كل شيء عن رئيسك القادم.  وأيضاً من خلال تجربتي، لاحظت عدد من المرشحات يصطحبون أولياء أمورهم عند إجراء المقابلة لينتهي النقاش في نهاية المطاف مع ولي الأمر بدلاً من المرشحة نفسها.

جميع هذه النقاط ذُكرت لأشير فقط إلى أن الأنثى في مجتمعنا تملك إمكانيات عالية ولكنها تفتقر إلى الدعم الكافي من مؤسساتنا.

ماذا يجب أن تتوقع؟

لقد تخرجت! يالا سعادتي! أنت تأخذ بعين الاعتبار شكل الحياة في القطاعين العام والخاص ولكنك لا تعرف الكثيرعنهم، أليس كذلك؟

حسناً، لقد ذكرت في مقالتي السابقة بأن من حق كل موظف مراجعة دليل الموظف قبل الانضمام إلى أي جهة عمل، فبإمكانك معرفة عدد إجازاتك السنوية، إجازة الأمومة، بدلات الهاتف النقال وما إلى ذلك ( الأشياء التي لم يرد ذكرها في العرض أو عقد العمل). كما أنني أشجع الموظف على تصفح موقع وزارة العمل ليكن على علم بكل حقوقه وما يُتوقع من مكان العمل ( خصومات التأمين الاجتماعية، بدلات نهاية الخدمة وغيرها)، وقد قامت وزارة العمل بترتيب البنود في وثائق يمكن تحميلها واستعمالها بسهولة.

على الرغم من وجود ما ينقصنا حالياً، ولكن هناك جهود كبيرة وتركيز من الحكومة على عمل المرأة كتأسيس جامعة الأميرة نورة (أكبر جامعة في العالم) وتخصيص أكبر ميزانية لقطاع التعليم.

في الختام، يجب أن يكون هناك جهد تعاوني من المؤسسات التعليمية ووزارة العمل والقطاع الخاص حتى نضمن لشقيقاتنا رعاية كاملة ليصبحوا قادة  ليس فقط في المملكة وإنما في جميع أنحاء العالم.

” لا يوجد جنس معين لتحقيق النجاح”

أضف تعليقك