هناك العديد من الأسئلة التي يجب أن تأخذها بعين الإعتبار قبل الإنتقال إلى وظيفة أخرى، كم سيكون الراتب؟ أين تقع الشركة الجديدة؟ وما هو المسمى الوظيفي الجديدالذي سأحصل عليه؟ أعتقد بأن هذه الأسئلة الثلاثة تعد بمثابة قرار مصيري ونقطة تحول في حياة الموظف كما أنني أرى بأن ٨٠٪ من عقلية الموظف النموذجي تدور حول هذه الأسئلة. ولكن السؤال الحقيقي هنا، هل تعتقد بأننا نوجه لأنفسنا الأسئلة الصحيحة؟ المال، الموقع، والمسمى الوظيفي كل هؤلاء مجرد حوافز قصيرة الأمد اختُلقت من نمط حياتنا الحالي فهي ليست مفتاح الرضا الكامل عن العمل.
أنا أودّ توجيه هذه الرسالة إلى أولئك الأشخاص الذين يحبون ما يفعلون، فهناك أسئلة عديدة يجب أن يقوم بتوجيهها لأنفسهم عند التفكير في الانتقال إلى عمل جديد:
أولاً: التحدّي
البعض يعتقد بأن الإنتقال إلى عمل مريح سيسهل نمط حياتهم وسيمكنهم من الإستقرار ولكنك مع مرور الوقت سوف تجد نفسك بلا فائدة وأن أولئك الذين كانوا أقل شأناً منك أصبحوا في القمة متعطشين إلى المزيد من التقدم وأنت ما زلت تقف في مكانك تحدق وتنتظر إلى أن يمر الوقت. برأيي، التحدي مهم جداً فهو يضمن لك تحقيق طموحاتك وأهدافك ويدفعك دائماً نحو الأفضل.
فكر مرتين.
ثانياً: التقييم
بما أن التحدي هو العامل الاول، فالتقييم سيكون الثاني.
عندما تسعى إلى تحقيق أهداف مجنونة وغير معقولة فيجب عليك أن تأخذ بعين الاعتبار التعامل مع نظام تقييم عادل وواضح . معيار واحد عليك أن تكون على علم به من قبل مدير الموارد البشرية الخاص بعملك الجديد، وهو ما هي السياسات والاجراءات المعمول بها لضمان تقييم صحيح خاص بك؟ هل هناك مكآفآت أو زيادات سنوية أو مسميات وظيفية مبنية على مؤشرات أداء وظيفي بحت؟ أم هناك حقول أخرى عليك إنجازها وتخطيها؟
في بعض الأحيان، لن تكون قادرًا على تحقيق مؤشرات الأداء الرئيسية بشكل كامل ولكنه بإمكانك التعويض عن ذلك من خلال العمل الجماعي الفعّال والجهود المتواصلة والأهداف العامة. وعلى الرغم من أن هذا يبدو حافزا صعب المنال عند الانتقال إلى عمل جديد ولكن عليك أن تاخد بعين الاعتبار ما يلي:
١- عندما تجلس مع رئيسك في العمل وتناقش تقييم منتصف السنة وآخر السنة فهذا يعني أن تقدمك في العمل قد أصبح واضحاً وبالتالي ستستطيع تحديد اتجاهاتك للمرحلة القادمة.
٢- الشركات العالمية وبعض الشركات المحلية تقيّم الموظفين بنسبة ٣٦٠ درجة وهذا يعني بأنك تستطيع تقييم مديرك في العمل كل ستة أشهر وهذا حافز آخر يضمن لك متابعة مديرك بشكل دقيق وواضح فلا مجال للتلاعب.
٣- ضاعف التفكير والتحقق قبل اتخاذ أية قرارات لما لذلك من تأثير على بقاءك في العمل على المدى البعيد.
ثالثاً: الحوافز
جميعنا يؤمن بأن المال يقلب أذهاننا ويجبرنا على اتخاذ قرارات عقلانية ومع ذلك قم أيضا بالنظر في الحوافز الخفية التي لاتقوم بعض الشركات بتسويقها بشكل صحيح. على سبيل المثال، اذا كنت تحصل على راتب بمبلغ ١٠ آلاف دولار في شركتك الحالية وحصلت على عرض للعمل في شركة أخرى براتب ١٥ الف دولار فأول ما ستفكر به هو ال ٥٠ بالمئة الزيادة وبالتالي لا مجال للتفكير أبداً، ستنتقل الى الشركة الأخرى بلا منازع!
أنا أرى بأنه يجب عليك أن تطلع على نموذج الموظف جيداً حتى تضمن عدم وجود أي تغييرات في نظام الحوافز الخاص بك، مثلا على الرغم بأن راتبك في شركتك الحالية هو ١٠ آلاف دولار ولكنك في المقابل تحصل على نسبة ٥٠ ٪ من مصاريف التعليم لأبنائك كما تحصل على بدل سفر ومبلغ شهري خاص بفاتورة هاتفك النقال وتأمين صحي يغطي تكاليف علاج الأسنان بينما لا تقوم الشركة الاخرى بتغطية أي من هذه المصاريف وبالتالي أنت تعرض نفسك لخسارة كبيرة في حال انتقالك. هذا هو الخطر الذي يقع فيه كثير منّا وهذه العوامل الخفية تؤثر كثيراً على أي قرار نتخذه في حياتنا المهنية.
أنا أدفع مدير الموارد البشرية لتسويق هذه العوامل والحوافز الخفية بشكل أوسع فهي الآن مكتوبة فقط على الورق ولن يعلم أحد عن حقوقه طالما لم يسأل عنها، كما أنني أدعو لعقد ورشات تعريفية مصممة خصيصاً لدليل الموارد البشرية تحدد ما يحق للموظف معرفته.
رابعاً: ماذا سوف تتعلّم؟
العامل الرابع في قائمتي غير قابل للقياس إلى حد ما. فعندما تنتقل إلى عمل آخر فمن المتوقع أن تقدم خدمة تفتقر إليها الشركة وتحتاج إلى متخصص فيها. السؤال المهم الذي يجب أن تطرحه هنا هو ماذا سوف تتعلم؟ كل شخص منّا لديه مساحة للتعلم ومهما كنت متقدماً فهناك مجال لتوسيع نطاق علمك وعملك دائماً.
ما هو نوع التعليم والتطوير الذي ستحصل عليه؟ هل سيشمل السفر والخبرات الدولية؟ أم ستحصل على فرصة للتعلم من خبراء مهمين في مجال عملك؟
بشكل عام، معظم الشركات القوية والضخمة تقوم بعقد دورات تدريبية وتعليمية لموظفيها، عليك فقط أن تعرف ما هو مقدار القيمة التي ستضيفها إلى خبراتك.
خامساً: من هو رئيسك الجديد؟
يعد الحصول على مدير جيد عاملاً مهماً لضمان جو عمل هادئ ومناسب وهذا يعتمد على تحديد ما تريد أن يكون في مديرك ، ربما المرونة أو الشفافية أو القسوة أو الخبرة في العمل، قم باختيار شخص ستحترمه دوماً وستحتفظ على علاقتك معه للأبد.
فالمدير الجيد يحب دائماً أن يرى نجاح وتطور موظفيه، فإذا كان أدائك جيداً فهذا يعني بأن مديرك بذل جهداً ممتازاً في دعمك لتصبح على ما أنت عليه الآن، لذا ابحث جيداً وحاول أن تجد من وكم أُوصي برئيسكم المستقبلي.
سادساً: كيف يبدو كل من مكتبك والمناطق المحيطة به؟
البعض يحب أن يتواجد في جوهر العمل وفي وسط الجميع حتى لو كان ذلك على مكتب مشترك أو طاولة عمل، والبعض الاخر يفضّل فكرة المكاتب المعزولة حيث الخصوصية تضفي على المكان. في كلتا الحالتين، ينبغي أن تسال عن هذا قبل انضمامك إلى العمل الجديد، عليك أن تتأكد من وجود مكان عمل مريح لك لأن ذلك سيؤثر حتماً على أدائك. وإذا كنتِ أنثى فسأضيف التالي: في مقابلة العمل عليكِ أن تطلبي من مدير الموارد البشرية أن يريكِ مساحة مكتبكِ الخاصة بكِ فمعظم الشكاوى التي تصدر من النساء تكون حول مساحة مكاتبهن.
سابعاً: ما مدى المرونة في مكان العمل ؟
هذا يعتمد الآن على الجهة الذي تعمل به، فعليك الالتزام بساعات العمل المحددة وعلى الرغم من ذلك هناك مرونة في بعض المكاتب إلى درجة أنها تمكن موظفينها من العمل من منازلهم طالما يقومون بأداء المهام الموكلة إليهم على أكمل وجه، وهذا بحد ذاته يعد حافزاً مهما عند اختيارك لمكان عمل جديد. أيضا عليك أن ترى ما إن كنت تفضل نظام البصمة للتأكد من التزامك بالعمل أو أن مجرد إنجاز العمل هو الضمان، كل ذلك يجب أن تتاكد منه أثناء المقابلة.
ثامناً: ما هو نوع التوازن المتوفر بين الحياة والعمل؟
البعض منّا يختار بنفسه الدخول إلى عالم الساعات والأيام الطويلة ولكن عليك أولاً أن تتأكد بأن المكان الذي تتجه إليه لديه نوع من التوازن بين الحياة والعمل وعليه فيجب عليك معرفة الإجازات السنوية والمغادرات وإجازات الأمومة والأبوة وغيرها من البنود الأخرى.
تاسعاً: معرفة رأي قادة المنظمة الجديدة بوجود جو عمل صحي ومناسب؟
فمن أجل ضمان جو عمل مريح ومناسب على ذلك أن يأتي من الأعلى، فعلى الإدارة أن تكون على علم تام بالفوائد التي ستعود على العمل عند توفير جو عمل مريح للموظفين. سأستعين برئيسي السابق كمثال. فقد كان التركيز الرئيسي لشركة في المملكة العربية السعودية هو التأكيد على أن الشركة تم اختبارها بأنها ” أفضل بيئة عمل” أمام شركات الأعضاء الإقليمية ومن خلال عملي هناك، قامت الإدارة التنفيذية بقيادة الرئيس نفسه بتقديم كل ما يمكن من أجل جعل الشركة من أفضل الشركات في المملكة. ولمدة خمس سنوات متتالية، دخلت الشركة في دراسة ” أفضل شركة للعمل بها” وحصلت على المرتبة الثانية على التوالي وأنا متأكد بأنها ستحصل هذه السنة أيضاً على إحدى المراتب الثلاثة الأولى ليس بسبب الحظ أو من باب الصدفة ولكن بسبب الانجازات التي تحققها قيادة الشركة. الشفافية وسياسة الباب المفتوح والإجابة عن الأسئلة التي طرحت أعلاه هي أفضل ما تحققه قيادة الشركة.
في الختام، فكر ملياً بالعوامل والأسئلة أعلاه قبل الانتقال إلى وظيفة أخرى فأنا أؤمن تماماً بمقولة ” المال لا يجلب السعادة ” فبه تستطيع شراء الملابس والأحذية ولكنك لن ترسم ابتسامة على وجهك لمدة 8 ساعات في اليوم.
أضف تعليقك